الأحد، 19 فبراير 2012

سنوات الضياع







حاولت كثيرا أن أصل لتلك المرحلة التي أتأكد فيها بنفسي أني صرت ـ حتى ولو بشكل جزئي ـ فاهما لمجتمعي الجميل والمليء بالتفلافيف التي لن يفهمها أكثر الناس فضولا في العالم ، حاولت مرارا وكلما وصلت لمرحلة أجدني أبدأ من بداية السطر من جديد .
أذكر في منتصف التسعينات ومع بداية الظهور الثوري للمسلسلات المدبلجة وإكتساحها بشكل عز نظيره كيف كانت تلك العجوز ـ فاطمة ـ التي تقيم على بعد شارعين منا تخرج كل يوم 1.45 من بيتها لتهرول إلى البيت الذي يقع خلفنا بشارعين في الجهة الأخرى لتسأل نفسها بصوت مرتفع "لماذا أليفريدو لايعثر مكان أنتونيللا التي أختطفها الشرير خوسيه والتي يعلم الجميع مكانها حتى أنا ، ؟!" .
كانت كل تلك المسلسلات متشابهة لحد كبير ، لقد كانت تتحدث عن أليفريدو أو كرلوس أو أوكتافيو أو إخوان ميجيل ، جميعهم شباب يتميزون بالوسامة وكلهم إما دكتور أو مهندس ـ لكنه يتميز بأغبى عقل في الوجود ـ ، وهذا بالذات ماتستغربه فاطمة ، يتميز أيضا بعضلات مفتولة وأم شريرة غالبا أو أب شرير أحيانا ، وشركة للعائلة وزوجة سادية تعرفت عليها امه الشريرة في إحدى صالونات المجتمع الراقي وقررت أنها ستكون زوجته بكل أساليب المكر الغبية لكنها دائما تنطلي عليه ـ فهو أغبى عقل في الوجود ـ ،
هناك أيضا بطلة في الغالب تكون فقيرة إسمها أنتونيللا أو مانويللا أو ميرامار أو ماري تشوي، لو حكيت المسلسل بكل التفصيل فستحجب خدمة التدوين مدونتي لأنها لم تعد بعد كمية الجيغاهات الكافية لذالك المسلسل ذي 299 حلقة في أقل تقدير ، ولأن البطل شخص دمث في الغالب فيشعر المشاهدين بنشوة فرح حين يسمع أمه الشريرة مجموعة كلمات قاسية .

اليوم وبعد سنوات الضياع تلك بدأت موجة من المسلسلات التركية وبدأت بسنوات ضياع أخرى ، وهنا نعرج إلى مفتشة التعليم الإبتدائي التي تستعجل سائق سيارة الأجرة فهي لاتتصور يومها بشكل عادي إن لم تشاهد ماستؤول إليه الأموربين لميس ويحيى والجيران الطيبون والأشرار ومصير طفلها الذي أكتسبته بطريقة غير شرعية ، تجلس المفتشة رفقة أبنائها وبناتها ومن بينهم البنت الفضولية عائشة ذات 9 أعوام التي لن تتوقف عن السؤال عن كل التفاصيل المحرجة في المسلسل حتى تفهم كل شيء ، من قبيل علاقة يحيى بلميس وقس على ذالك ، طبعا أحس صناع المسلسلات بحاجة السوق الماسة لبعض من الروح النضالية فسقط كالصاعقة "مراد علم دار" ، الذي أستوقف المصلين بسببه شخص يرجو من الجميع الدعاء له بالشفاء فهو الوحيد المتبقي من المدافعين عن الإسلام وفلسطين والعرب ، هنا تأكدت أن هذا على الأقل رغم طرافته يعني الوداع النهائي مع المسلسلات اللاتينية وأن روح الثورة والنضال ودعم القضايا هي السبب الوحيد خلف تكالب الناس على مراد ، لكن المضحك أن ماري تشوي تؤكد عكس ذالك ، ولاشك أن من يتابعها سيشاهد :

"أليفريدو أو كرلوس أو أوكتافيو أو إخوان ميجيل ، جميعهم شباب يتميزون بالوسامة وكلهم إما دكتور أو مهندس ـ لكنه يتميز بأغبى عقل في الوجود ـ ، وهذا بالذات ماتستغربه فاطمة ، يتميز أيضا بعضلات مفتولة وأم شريرة غالبا أو أب شرير أحيانا ، وشركة للعائلة وزوجة سادية تعرفت عليها امه الشريرة في إحدى صالونات المجتمع الراقي وقررت أنها ستكون زوجته بكل أساليب المكر الغبية لكنها دائما تنطلي عليه ـ فهو أغبى عقل في الوجود ـ ،
هناك أيضا بطلة في الغالب تكون فقيرة إسمها أنتونيللا أو مانويللا أو ميرامار أو ماري تشوي، لو حكيت المسلسل بكل التفصيل فستحجب خدمة التدوين مدونتي لأنها لم تعد بعد كمية الجيغاهات الكافية لذالك المسلسل ذي 299 حلقة في أقل تقدير ، ولأن البطل شخص دمث في الغالب فيشعر المشاهدين بنشوة فرح حين يسمع أمه الشريرة مجموعة كلمات قاسية ."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق